المدير الإبداعي

كريستوفر تشونغ: لا أريد أن يمثل عطري هويتي، بل أريد أن يكون امتدادًا لشخصيتي

كريستوفر تشونغ أحد فلاسفة عالم صناعة العطور المبدعين، جلب مواهبه بعد انتقاله من هونج كونج حيث ولد هناك إلى الولايات المتحدة الأمريكية في نيويورك في سن مبكرة ومن ثم إلى إنجلترا في لندن حيث كان يقيم هناك.

حلمه كان بأن يصبح مغني أوبرا وأن يقف على خشبة المسرح ويغني أمام مئات الأشخاص الذين يقدرون الأوبرا، لكن الحياة اتخذت معه اتجاها مختلفا. 

قبل انضمامه لأمواج كان يدرس للحصول على درجة الدكتوراه في لندن مع التركيز على الدراسات الثقافية، أراد أن يصبح أستاذًا للأدب، في هذا الوقت تقريبًا تعرف على أشخاص كانوا يدرسون الأوبرا ووقع في حب عالم الموسيقى وبدأ في دراسة الأوبرا، لقد ترك درجة الدكتوراه ودرس الغناء الأوبرالي والتأليف الموسيقي لمدة ١٠ سنوات، ثم شاء القدر ورأى أن هناك دارًا للعطور تبحث عن شخص ما في مجال الفنون، لقد كان مفتونًا بعالم العطور ووجد نفسه يقارن بين كيفية مشاركة الموسيقى وإنتاج العطور في عملية حسية فنية، لقد كان في باريس يعرض فكرته للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لشركة أمواج، لم يكن يعرف بعد كل التفاصيل المتعلقة بمكونات العطور، واستخدم الاستعارات والصور التي احتضنت تدريبه في الأدب والأوبرا وتمكن من تقديم رؤية فريدة وناجحة.

كمدير إبداعي هو قادر على تنسيق كل ملاحظة في إبداعاته: المزاج والأسلوب والقصة، والعمل مع صانعي العطور وغيرهم من الفنانين لتحويل أفكاره إلى واقع.  

لازال يتذكر تشونغ أول رائحته الأولى التي تم إنشاؤها عن طريق غليان بتلات الزهور. 

تعلم الكثير من صانع العطور دانيال موريل الذي كان مدرسا ممتازا ومتقنا للعطور والذي آمن به في هذه الصناعة، وكذلك من صانع العطور بيير نيجرين الذي قال له يوما ما: “أنت تفعل ما تريد وسيتعين على الجميع أن يؤمنوا برؤيتك”. 

كريستوفر تشونغ يروي قصصه من خلال العطور، يقوم بإنشاء قصصه الخاصة ويجمعها مع عطوره لأن العطور صعبة حقا ولا يمكنك فهمها، لكنه وجد طريقة للحديث عن العطور على مستوى شخصي أكثر حتى يتمكن الناس من فهم تجربتهم الشخصية والتواصل معها. 

عمليته الإبداعية شخصية للغاية، إنها تبدأ بشعور ثم يتم تفصيل هذا الشعور في قصة، يستوحي من كل شيء من حوله. 

يقول كريستوفر: “العطور تدور حول عواطفنا الشخصية، عندما تسألني من أنا؟ أود أن أقول إنني محلل نفسي، أنا في الواقع أساعدك على فهم من أنت من خلال رائحة معينة، أريد أن يمثل عطري من أنا، أريده أن يكون امتدادًا لشخصيتي، وأريد أن يأخذني عطري إلى المستوى التالي في اكتشاف نفسي”. 

يمثل الأدب أو الأبرا جزءا من الروائح التي يصنعها. 

 يعود الأمر إلى أيامي في الجامعة عندما درست الأدب والفلسفة والدراسات الثقافية – كان التحليل النفسي مكونًا كبيرًا في ذلك، العقل البشري رائع جدا بالنسبة لي، أنا أصنع العطور مع وضع هذا في الاعتبار، مع أخذ من يرتديها وأنا في رحلة لاكتشاف الذات وكشف الحقائق عن الذات. 

“لا أريد أن يمثل عطري من أنا، أريده أن يكون امتدادًا لشخصيتي” كريستوفر تشونغ

في بعض الأحيان يرتدي الناس العطور حسب مزاجهم، والبعص الآخر يرتديها حسب مزاجهم، وفي أحيان أخرى يرتدي الناس العطر حسب الموسم والطقس، لكن في معظم الأحيان يتعلق الأمر بالمزاج والعواطف ورحلة شخصية للغاية. 

يتحدث عن شخصيات مختلفة وعن قصصه، يترجم القليل من نفسه في عطوره، يعيد ابتكار نفسه كل عام بعطر جديد وقصة جديدة وإلهام جديد. 

شخص مجازف ومغامر، يحاول العثور على قصة لزجاجة عطر جديدة ومن ثم يبدأ اختيار الرائحة والاسم.

أرى أن تركيب العطور أشبه برواية القصص، وكأنك تجسد المشاعر والفن في عبوة صغيرة، وأسعى للعمل من منظور شخصي وعفوي من خلال مزج مكونات متنوعة ومتباينة من الروائح، حيث يمثل كل عطر أبتكره بنفسي جزءاً صغيراً من كياني.

كريستوفر تشونغ

يركز فقط على رؤيته وما يريد أن يفعله لأنه يعتقد أن هذا أكثر أهمية، يذهب فقط إلى مايعتقد أنه سيعمل بشكل أفضل لهذا العام أو هذا الموسم، نقطة البداية لديه هي العواطف والقصص بمجرد أن يجدهم يبدأ في اختيار المكونات. 

بعد اثني عشر عاما كمدير إبداعي لأمواج بدأها في عام ٢٠٠٧، في عام ٢٠١٩ حان وقت الرحيل والتركيز على مشاريع وتحديات جديدة، أمواج كانت تشكل البداية بالنسبة له. 

كانت رؤيته لأمواج عاطفية وتأملية وعقلية، وقد تم صياغتها من خلال أوجه التشابه الإبداعية في الموسيقى والتاريخ والفكر.

وعن ماذا يميز أمواج يقول كريستوفر: إنّ لعلامة أمواج هويّة خاصّة، وتتميّز هذه الأخيرة عن العلامات الأخرى على مستوى الإدارة الفنّيّة، فيتّسم مديرها الفنّيّ بأسلوب خاصّ وهويّة خاصّة، أمّا هويّة العلامة فهي عبارة عن الطّابع الغنيّ والرّاقي للعطور، في حين أتميّز أنا شخصيّاً بالغموض والأمور غير المتوقّعة، كما أنّني أعشق رواية القصص، عندما تمتزج الهويّتان، ينتج عن ذلك علامة قويّة جدّاً.

في عام ٢٠٢٢ بدأ بكتابة حقبة جديدة مع ثمين لندن، وقام بترتيب البيت العطري لهم من خلال أفكار مزجت بدقة عالية، ويتمثل دوره الرئيسي اليوم وفق قوله، في تجسيد جميع أنواع المشاعر وأحاسيس السكينة ومزجها في الروائح العطرية، يرى أن تركيب العطور أشبه برواية القصص، وكأنك تجسد المشاعر والفن في عبوة صغيرة.

وعن الإلهام الذي الذي كان وراء انضمامه إلى ثمين يقول: “لطالما وثقت بإمكانيات علامة ثمين في إحداث نقلة نوعية في عالم العطور، حيث نركز على الإبداع لنضمن تميز العلامة وترك بصمة مهمة وإرساء معايير جديدة في عالم العطور.

ويسعدني أن أحظى بفرصة الاستضافة الفنية للإشراف على جميع تطورات العلامة والعطور، حيث يمكنني من خلال التعاون مع أشهر مصنعي العطور في العالم إحداث تغيير كبير في عطور علامة ثمين بإلهام من الثقافة البريطانية وأسلوب رواية القصص.

ولا يكفي برأيي أن تكون مديراً إبداعياً وحسب، إنما عليك اكتساب القدرة على الابتكار خلال المراحل المبكرة من مسيرتك العملية، ويستغرق الأمر سنوات عديدة من المحاولات وارتكاب الأخطاء والتجارب لبناء الثقة بالنفس والقدرة على الإبداع، لقد وتطورت مسيرتي العملية من مدير إبداعي إلى مستوى آخر من الفن، حيث يتمثل دوري الرئيسي اليوم في تجسيد جميع أنواع المشاعر وأحاسيس السكينة ومزجها في الروائح العطرية، وتتطلب هذه المهمة صقل المهارات بشكل مستمر من خلال التعلم والفهم العميق للمهنة.

وتتمحور مهمتي الجديدة حول إطلاق العنان لعلامة ثمين وتعزيز مكانتها العالمية بالاعتماد على الأفكار المبتكرة والجديدة.

Aromatic Glance

Golden serenade like desert dunes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى