حاسة الشم لا تعتمد على الترددات كما هو الحال في السمع أو البصر، وإنما تعتمد على تفاعل جزيئات الروائح مع مستقبلات خاصة في الأنف، هذه المستقبلات الشمية تستجيب لجزيئات معينة بناءً على شكلها وحجمها والتركيب الكيميائي لها.
عندما نتنفس الهواء تدخل جزيئات الروائح إلى الأنف وتصل إلى المستقبلات الشمية في تجويف الأنف، والتي ترسل إشارات عصبية إلى الدماغ لتحليل الرائحة.
لا توجد “ترددات” متعلقة بهذه العملية مثلما هو الحال مع الأصوات (الترددات الصوتية) أو الضوء (الترددات الضوئية)، ولا توجد وحدة قياس محددة عالمية لحاسة الشم مثل “الهيرتز” للصوت أو “اللومن” للضوء، ومع ذلك هناك طرق معينة لقياس قدرة الشم والتعبير عنها في مجالات علمية وطبية منها:
عتبة الكشف عن الرائحة (Odor Detection Threshold): هي أقل تركيز لجزيء معين يمكن أن يشمه الإنسان (التركيز المعين الذي يمكن عنده شم الرائحة)، يتم التعبير عنها بوحدات مثل أجزاء من البليون (parts per billion – ppb) أو أجزاء من التريليون (parts per trillion – ppt).
عتبة التمييز (Odor Discrimination Threshold): هي أقل تركيز يمكن عنده للإنسان أن يميز بين رائحتين مختلفتين.
المعايرة الذاتية: يتم أحياناً تقييم حاسة الشم باستخدام مقاييس ذاتية حيث يُطلب من الأشخاص تقييم قوة رائحة معينة على مقياس من ١ إلى ١٠.
فيما يلي بعض الأمثلة على عتبات الكشف لبعض المواد الشائعة:
- الميثانثيول (Methanethiol): الذي يشبه رائحة الكبريت أو البيض الفاسد، يمكن شمّه عند تركيز منخفض جداً يصل إلى حوالي ٠.٠٠٠٤ جزء في المليون (ppm)، هذه المادة تُستخدم أحيانًا كمنبه لرائحة الغاز.
- الأستون (Acetone): حوالي ٠.٤ جزء في المليون (ppm).
- الإيثانول: الموجود في الكحول، يحتاج إلى تركيز أعلى بكثير ليتم التعرف عليه، حوالي ٥٠ جزء في المليون (ppm).
- الفانيليا: حوالي ٠.٠٥ جزء في المليون (ppm).
- الأسيتون: حوالي ٠.٠٤ جزء في المليون (ppm).
- البنزين: حوالي ٠.٥ جزء في المليون (ppm).
- الكافيين: حوالي ٠.١ جزء في المليون (ppm).
عوامل تؤثر على عتبة الكشف عن الرائحة:
الاختلافات الفردية: يختلف الأفراد في قدرتهم على شم الروائح بسبب الاختلافات الجينية، حيث قد يكون لبعض الأشخاص مستقبلات شمية أكثر حساسية.
العمر: مع تقدم العمر قد تقل حساسية الشم مما يجعل عتبة الكشف أعلى.
الحالة الصحية: بعض الحالات الصحية، مثل نزلات البرد أو الحساسية، يمكن أن تؤثر على حاسة الشم، مما يرفع العتبة.
التعرض المتكرر: يمكن أن يؤدي التعرض المستمر لنفس الرائحة إلى تكييف حاسة الشم، مما يجعل الشخص أقل قدرة على شمها.
تطبيقات عملية:
الكشف عن التسربات: تستخدم الشركات الغاز مثل الميثانثيول (رائحة الكبريت) كمادة تنبيهية في أنظمة الغاز الطبيعي.
تقييم العطور: في صناعة العطور، يُستخدم فهم عتبات الكشف لتحسين تركيبات العطور وضمان أن تكون النوتات العطرية متوازنة ومقبولة.
وهناك روائح على سبيل المثال لا الحصر لانستطيع شمها نذكر منها:
غاز أول أكسيد الكربون هو عديم الرائحة واللون والطعم، مما يجعله من المستحيل اكتشافه عن طريق الشم أو التذوق، ولهذا السبب يُعد خطيرًا حيث يمكن أن يتراكم دون أن يدرك الشخص ذلك.
أول أكسيد الكربون (CO) عديم الرائحة والطعم بسبب تركيبه الجزيئي، فهو يتكون من ذرة كربون واحدة وذرة أكسجين واحدة، مما يشكل جزيئًا بسيطًا ومستقرًا لا يتفاعل مع مستقبلات الشم أو التذوق لدى البشر، أنظمتنا الحسية مصممة لاكتشاف المواد الكيميائية ذات خصائص جزيئية معينة، لكن أول أكسيد الكربون يعتبر خاملاً بمعنى أنه لا يحفز هذه المستقبلات، مما يجعله غير محسوس للبشر دون استخدام أجهزة خاصة مثل الكواشف.