مقالات عطرية

العطور التي ذكرت في القرآن الكريم

القرآن الكريم لم يذكر العطور بشكل صريح أو مباشر، ولكن وردت إشارات إلى بعض المواد العطرية والنباتات ذات الروائح الطيبة التي كانت معروفة واستخدمت في العصور القديمة، ومنها:

١. المسك:

ورد ذكره في قوله تعالى:
“خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَٰفِسُونَ”
(سورة المطففين: 26).
يُعتبر المسك من أرقى وأفخر العطور التي كانت تُستخدم في ذلك الزمن.

٢. الزنجبيل:

ورد في قوله تعالى:
“وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا”
(سورة الإنسان: 17).
الزنجبيل له رائحة عطرية مميزة واستخدم كنكهة طيبة في الطعام والشراب.

٣. الكافور:

ذكر في قوله تعالى:
“إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا”
(سورة الإنسان: 5).
الكافور له رائحة طيبة وكان يُستخدم في التحنيط والتعطير.

٤. الريحان:

ذكر في قوله تعالى:
“وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ”
(سورة الرحمن: 12).
الريحان نبات عطري له رائحة زكية ويُستخدم في التعطير والطبخ.

٥. رائحة قميص يوسف عليه السلام:

رغم أنه غير معروف ماهية هذه الرائحة بالتحديد، ولكنها ذكرت في القرآن الكريم وتم تمييزها من قبل سيدنا يعقوب عليه السلام.

قال تعالى: “ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون” (سورة يوسف: ٩٤).

رائحة قميص سيدنا يوسف عليه السلام تُعتبر معجزة مذكورة في القرآن الكريم، حيث كانت لها دلالة عظيمة على قدرة الله سبحانه وتعالى وعلى ارتباط الرائحة بالشفاء والفرح، القصة وردت في سورة يوسف، عندما استعاد النبي يعقوب عليه السلام بصره بعد أن شمّ رائحة قميص يوسف عليه، “فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (يوسف: ٩٦)

قال مجاهد في تفسير الآية: هبت ريح فصفقت القميص ففاحت روائح الجنة في الدنيا، واتصلت بيعقوب فوجد ريح الجنة فعلم عليه السلام أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص.

وقد تناقلت كتب التفسير عن أنس وابن عباس أن قميص يوسف الذي أرسله إلى يعقوب عليه من الجنة، وهذا هو السر في أن يعقوب ارتد بصيرًا من ساعته.

وخلاصة القصة: أن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار عاريًا، نزل إليه جبريل بقميص وطنفسة من الجنة، فألبسه القميص وأجلسه على الطنفسة، وبقي القميص عند إبراهيم حتى كساه إسحاق، وكساه إسحاق يعقوب، فأخذه يعقوب فجعله في قصبة من حديد أو فضة وعلقه في عنق يوسف لما كان يخشى عليه من العين، فأخبر جبريل يوسف أن يرسل به إلى يعقوب ليعود إليه بصره لما فيه من ريح الجنة؛ لأن ريح الجنة لا يقع على مريض إلا شفي ولا مبتلى إلا عوفي.

واختلفوا في قدر المسافة فقيل: مسيرة ثمانية أيام، وقيل عشرة أيام، وقيل ثمانون فرسخا وهو يعادل ما بين أربعة وستة كيلومترات في النظام الدولي الحالي.

هي ليست رائحة مادية بالضرورة، بل هي معجزة إلهية جعلت رائحة القميص تنقل البشرى والشفاء، النبي يعقوب عليه السلام كان يتذكر رائحة ابنه يوسف، وهي رائحة الحب والشوق التي ارتبطت لديه بابنه الغائب.

الرائحة هنا ليست شيئًا يمكن تحديده بمواصفات دنيوية مثل الزهور أو الأعشاب، لكنها تمثل رمزًا روحانيًا يتجاوز الماديات، مما يعكس قوة الإيمان وقدرة الله عز وجل على جمع الأحبة وشفاء القلوب.

إذا كنت تبحث عن تطبيق رمزي للرائحة في مجال العطور، يمكن استلهام الفكرة من روائح النقاء أو الهدوء مثل المسك، الورد والعنبر.

إن العطور التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ليست مجرد روائح جميلة، بل هي رموز للتناغم بين الجمال الروحي والجمال الحسي، فمن المسك الذي يرمز إلى النقاء، إلى الريحان الذي يعبر عن الراحة، وصولاً إلى الكافور والزنجبيل اللذين يجمعان بين العطر والفائدة، نجد أن هذه المكونات تحمل معاني سامية وعمقًا يتجاوز حدود الزمان والمكان.

إن استحضار هذه الروائح اليوم يعيدنا إلى جذور الإيمان والتأمل في عظمة الخالق الذي أبدع هذه النعم. ولعل العودة لاستخدام هذه العناصر في حياتنا اليومية تعزز من روحانية الإنسان وتربطه بجمال الكون من حوله.

Aromatic Glance

Golden serenade like desert dunes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى