عطر Overture Man من أمواج للرجال، والذي تم إصداره عام 2019 هو محور حديثنا اليوم، من توقيع صانعة العطور كارين فينتشون سبينر.
قال لي المحـبـوبُ لمَّـا زرتُــهُ منْ ببـابـي قلـتُ بالبـابِ أنـا
قال لي أخطأت تعريف الهـوى حـينـما فـرَّقـت فـيه بيْـنَـنَـا
ومضـى عــامٌ فـلمَّـا جـئـتُـهُ أطــرُقُ الــباب علـيـه مُـوهِنـا
قال لي مـنْ أنتَ قـلتُ أنْظُـرْ فمـا ثـم َّإلاَّ أنـتَ بالــبابِ هُنـا
قال لي أحسنت تعريف الهوى وعَرَفْتَ الحُبَّ فادخُلْ يا أنا
هذا ما دار بيننـا …
هذا من العطور التي لم أعجب بها بدرجة كافية في بداية الأمر، أو بالأصح لم أتفهمه واستوعبه بالشكل الصحيح، ولكن بعد فترة من تجربتي الأولى للعطر، وقد تركته وفارقته ونسيته بما يقارب الأسبوعين إلى ثلاث، وجدت نفسي أشتاق إلى هذه الرائحة وأبحث عنها، وكأني بعد هذه الفترة للتو بدأت استوعب وأدرك مكمن الجمال فيه، أعتقد أن هذا يعود إلى شدة تعقيد العطر وغرابته.
ربما يكون غريب عند أول تجربه ولكن ليس بدرجة كبيرة، وسأتفهم أي شخص لم يتقبله في بداية الأمر، ولكني أقول لك: ابتعد عن العطر مدة من الزمن، واترك مركز استقبال الروائح في الدماغ يقوم بعمله، يحلل الرائحة ويفحصها لوقت كاف ولا تستعجل، ربما يحصل معك مثل ما حصل معي، وتأتيك الإشارة في الوقت المناسب بالقبول والحب الأبدي والاشتياق السرمدي.
هذا العطر هو من يختار عشاقه وليس العكس، فـالجمال يختار عشاقه، وكأنه يخبئ مواضع الفتنة والجمال ولا يظهرها إلا لمن يشاء، عطر لا يشبه إلا نفسه، عطر لا يقلد أحد لشدة ثقته بنفسه، عطر لمن شاء منكم أن يسمو بذوقه أو يرتقي أو يتميز.
رائحة لشدة تميزها تكاد تكون غريبة عن الآخرين، عطر عصري حديث بطابع عتيق قديم بلمسات شرقية عربية، رائحة قد تفاجئك في بادئ الأمر، هو عطر يختبر ويمحص من أراد القرب منه، وكما عودتنا أمواج في عطورها ستجد التفرد والتعقيد والابتكار بلمسات شرقية عربية فخمة.
كثير هي الدور التي أنتجت لنا عطور شرقيه بطابع عربي، ولكن أعتقد أن أمواج في المقدمة ومن أفضل الدور في هذا الخط الشرقي العربي، أمواج تشعرك بالطابع العربي العريق الأصيل بشكل غير تقليدي، فخم مبتكر ومتميز، هذا التميز لا يعود لإبداع العطار الذي صنع العطر فقط، وإنما لكونها دار عربية عريقة تعرف وتدرك المعنى الحقيقي للعطر العربي والذوق العربي، والسبب الآخر والمهم أيضا يعود إلى جودة المكونات الطبيعية المستخدمه في عطورها.
هذا العطر بالنسبة لي هو رائحة التراث والأصالة، رائحة قدماء العرب، رائحة عابرة للزمن أتت من قرون مضت عندما كنا أسياد الدنيا، يشبه في تشعبه وتعقيده وتقلباته قصص أساطير العرب وبطولاتهم، رائحة تحاكي أناقة وهيبة وعزة وأنفة وقوة العرب، رائحة الزمن الجميل.
إتقان وإخلاص وتميز وجودة عالية، أمواج تنحت في الصخر وتسير إلى الأمام، خلفت وراءها آثار لا يمحوها الزمن وأهرامات عطرية لا تبلى ولا تندثر على مر السنين والقادم أجمل.
عطر أوفرتشر مان تابلي دافئ عنبري بلسمي حيواني خشبي دخاني، عبارة عن مزيج متشعب ومعقد، تركيبة يغلب عليها الطابع العتيق القديم، مكونات هذا العطر كالراتنج والدخان مع التوابل والجلد واللمسة الحيوانية مجتمعة تشعرني بطابع قديم عتيق عريق، ولكنها وظفت بأسلوب عصري حديث أنيق.
المر هنا يذكرني بعطر آخر يوجد به نوتة المر بنفس القوة تقريبا، وهو عطر أو سوفاج إصدار 2012، العطرين مختلفين كل الاختلاف، إلا أني لم أجد المر بهذا الوضوح إلا في هذين العطرين حسب تجاربي المتواضعة.
في الافتتاحية ستلاحظ الجريب فروت ولكن مجرد عصرة خفيفة، وربما لن تلاحظه، ستلاحظه مختلط برائحة التوابل وسيختفي بسرعة بينما تظل التوابل مستمرة.
المر والتوابل وبالذات الكمون يتصدرون الافتتاحية ولمسة حيوانية تلاحظها في جميع المراحل، المنتصف راتنجي بلسمي بجدارة بفضل اللبان والمستكه وأيضا المر مع التوابل، بينما ستكون القاعدة جلدية خشبية دخانية حيوانية ولمسة بلسمية.
المر والطابع البلسمي مع الجلد والرائحة الحيوانية أجدهم في جميع مراحل العطر بشكل متفاوت، العطر متقارب في جميع مراحله وستلاحظ تداخل نوتات الافتتاحية مع المنتصف والقاعدة، يوجد فروقات نسبية بين مراحل العطر ولكنها لن تكون فروقات كبيرة.
ربما سيكون الاختلاف الأوضح من بين مراحل العطر هو في القاعدة؛ حيث تتراجع قوة التوابل التي كان لها دور كبير في الافتتاحية والمنتصف، تتراجع لصالح بروز مكونات القاعدة من الجلد القاتم بعض الشيء مع الحيوان والبلسم والدخان، الكونياك لا أعرفه لذلك لم أذكره ولكن بالتأكيد له بصمته الواضحة في العطر، عطر جميل فخم يستحق التجربة والاقتناء.
إن كنت ممن جرب العطر أخبرنا عن انطباعك عنه، ومالذي يميزه عن غيره من العطور؟
