مقالات عطرية

تقنية هيد سبيس المستخدمة في صناعة العطور

تقنية هيد سبيس Headspace هي تقنية متطورة تستخدم لتحليل الروائح من خلال جمع جزيئات الهواء التي تحتوي على مكونات عطرية باستخدام معدات خاصة، مما يسمح للمصممين بإعادة إنشاء الروائح الطبيعية بدقة.

مما يتيح التقاط نوع من الصور لرائحة معينة في وقت محدد، رائحة زهرة متفتحة، رائحة فاكهة ناضجة، تحافظ هذه التقنية المبتكرة على رائحة معينة في لحظة محددة للغاية.

من بين السمات المميزة لتقنية headspace قدرتها على التقاط وتسجيل رائحة لحظة معينة في مكان معين. سواء كان ذلك البحر أو المدينة أو الحديقة النباتية أو محل الخبز أو مقهى أو مصنع النبيذ، إن تقنية هيد سبيس تسمح بإنشاء روائح عابرة لا يمكن العثور عليها في مكون واحد ولا يمكن استخلاصها بشكل طبيعي، وبالتالي فإنها تمهد الطريق لاكتشاف مواد خام جديدة وروائح نادرة.

تعتمد هذه التقنية على قياس وتحليل الجزيئات العطرية المتطايرة في الهواء المحيط بمصدر الرائحة دون الحاجة إلى تدميره أو تغييره.

في كل عام يتم اكتشاف نباتات جديدة ويجوب صانعو العطور العالم بحثًا عن روائح جديدة لتعزيز إبداعهم، ومع ذلك قد تكون هناك مشكلة، لا يمكن تقطير جميع النباتات، كان الأمر يتطلب قدرًا كبيرًا من الإبداع لالتقاط رائحة نباتات معينة واستخدامها في صنع العطر، أدى هذا إلى إنشاء تقنية Headspace.

حصلت شركة جيفودان على براءة اختراع لتقنية ScentTrek للحصول على روائح جديدة من أجزاء مختلفة من العالم، وعلى نحو مماثل حصلت شركة Firmenich على براءة اختراع لتقنية NaturePrint وحصلت شركة IFF على براءة اختراع لتقنية Living Flower.

أصبح تحليل Headspace هو القاعدة للحصول على روائح جديدة لمزيجات العطور، وستستمر هذه التقنية في توفير الابتكار في صناعة العطور نظرًا لطبيعتها غير المدمرة والاقتصادية والمكررة.

يعتبر الكيميائي السويسري رومان كايزر مؤسس تقنية headspace، كان يبحث عن طريقة لالتقاط مكونات العطر المتطايرة للنباتات النادرة دون الإضرار بالنباتات نفسها، وبفضل ابتكاره يمكن للعطارين الآن إعادة بناء روائح هذه النباتات النادرة بدقة دون قطفها.

تم تطوير تقنية Headspace في عام١٩٧٠، وهي تلتقط رائحة الزهور التي لا يمكن تحويلها إلى زيوت أساسية، تتضمن العملية الزهور فقط، يتم التقاط رائحتها دون الحاجة إلى قطعها، يتم وضع غطاء جرس زجاجي فوق الزهرة ويتم حقن الغاز، سيلتقط هذا الغاز رائحة الزهرة ويضعها على فتيل مصنوع من مادة سرية للغاية، ثم يتم تحليل هذا الفتيل في المختبر. يتم إعطاء قائمة مكونات العطر لصانعي العطور لإعادة إنتاج الرائحة الأصلية.

المركبات المتطايرة هي مركبات ذات ضغط بخار مرتفع وتتبخر في الهواء بسهولة عند درجة حرارة الغرفة، لذلك فإن جميع جزيئات العطر التي يمكن أن نشمها هي مركبات متطايرة، ثم يتم تحليل المركبات المتطايرة التي تم جمعها من العينة الشمية بواسطة برامج الكمبيوتر الخاصة بالكروماتوغرافيا الغازية ومطياف الكتلة (GC/MS)، لفهم التحلل الكيميائي للعينة التي يتم اختبارها، بناءً على المعلومات الواردة من الكمبيوتر يمكن بعد ذلك إعادة إنتاج العينة في بيئة معملية.

على سبيل المثال: زهرة زنبق الوادي هي زهرة صامتة، مما يعني أنه لا يمكن استخراج رائحتها بكميات كبيرة من الزهرة عبر التقنيات العادية، يتم استخدام تحليل Headspace للحصول على الرائحة المنعشة المائية الخفيفة المرتبطة بهذه الزهرة.

فيما يلي شرح تفصيلي عن التقنية وكيفية استخدامها:

ما هي تقنية Headspace؟

تُعد تقنية Headspace أداة لتحليل الجزيئات العطرية التي تصدر عن مصدر معين في حالته الطبيعية.

تعتمد التقنية على جمع المكونات العطرية الطيّارة (Volatile Compounds) المحيطة بمصدر الرائحة وتحليلها.

هذه التقنية تُستخدم لالتقاط الروائح التي يصعب أو يستحيل استخراجها باستخدام الأساليب التقليدية مثل التقطير أو الاستخلاص بالمذيبات.

كيفية عمل تقنية Headspace:

إحاطة مصدر الرائحة:

يوضع مصدر الرائحة (مثل زهرة، فاكهة، خشب، أو مادة أخرى) في حاوية أو غرفة مغلقة تُسمى “خزان الـ Headspace”.

تكون الحاوية مصممة للحفاظ على الجزيئات العطرية الطيّارة في البيئة المحيطة بالمصدر.

جمع الجزيئات العطرية:

تُستخدم أنابيب خاصة مملوءة بمادة ماصة (مثل الألياف الزجاجية أو البوليمرات) لجمع الجزيئات العطرية الطيّارة.

يتم تمرير الهواء الموجود داخل الحاوية من خلال المادة الماصة والتي تحتفظ بالجزيئات.

تحليل الجزيئات:

يتم تحليل الجزيئات التي تم جمعها باستخدام تقنيات متطورة مثل الكروماتوغرافيا الغازية (GC) ومطياف الكتلة (MS).

هذه الأدوات تحدد نوع الجزيئات وتركيبها الكيميائي، مما يسمح بإعادة تكوين الرائحة بشكل دقيق.

إعادة بناء الرائحة:

باستخدام البيانات التي تم الحصول عليها، يمكن للمختبرين تركيب مكونات عطرية صناعية تحاكي الرائحة الأصلية.

يُضاف لمسة إبداعية من العطارين لصياغة عطر مستوحى من الرائحة الطبيعية.

مميزات تقنية Headspace:

عدم تدمير المصدر الطبيعي: لا يحتاج العطّار إلى قطع الزهور أو استخراج المواد بطرق قد تؤثر على طبيعتها.

التقاط الروائح الدقيقة: تتيح التقنية إمكانية التقاط الروائح الخفيفة أو المركبات العطرية النادرة.

تحليل روائح معقدة: تُستخدم لتحليل المزيج العطري المعقد مثل رائحة الغابات أو الشواطئ.

مجالات استخدام Headspace في العطور:

محاكاة الروائح الطبيعية:

تحليل الروائح الطبيعية مثل رائحة زهرة نادرة، الفواكه الاستوائية، أو حتى رائحة المطر.

إعادة بناء الروائح غير التقليدية:

مثل رائحة الجلد، الكتب القديمة أو الخشب المحترق.

تطوير عطور فريدة:

تُستخدم التقنية لتطوير عطور جديدة لا تعتمد فقط على المكونات التقليدية.

التحديات في استخدام Headspace:

التكلفة: التقنية مكلفة وتتطلب أجهزة متطورة.

الدقة: تحليل الجزيئات المعقدة وإعادة تكوينها بدقة يمكن أن يكون صعبًا.

الإبداع: يعتمد نجاح التقنية على دمج التحليل العلمي مع مهارة العطار الإبداعية.

أشهر الشركات التي تستخدم التقنية:

شركات مثل جيفودان، فيرمينتش وسيمرايس تُعد من الرواد في استخدام تقنية Headspace لتطوير عطور مبتكرة.

تطبيقات تقنية Headspace في صناعة العطور مذهلة، حيث ساعدت في إبداع عطور فريدة ومبتكرة مستوحاة من الطبيعة والأماكن واللحظات الخاصة.

إليك أبرز الأمثلة والتطبيقات العملية لهذه التقنية:

١. التقاط روائح الزهور النادرة

مثال: زهرة الياسمين في الهند أو زهور السوسن النادرة.

باستخدام تقنية Headspace، يمكن التقاط الرائحة الطبيعية لهذه الزهور دون الحاجة إلى قطعها أو استخراج زيوتها بطريقة تقليدية.

تُستخدم هذه الروائح في عطور راقية مثل:

Dior – J’Adore: يعتمد على روائح الأزهار الطبيعية المحاكية.

Cartier – L’Heure Vertueuse: مستوحى من النباتات الخضراء.

٢. إعادة خلق الروائح الطبيعية

رائحة الفواكة:

تقنية Headspace تتيح التقاط رائحة الفواكة مثل المانجو، التوت، أو حتى البرتقال الطازج دون التأثير على الفاكهة.

تُستخدم في عطور ذات طابع فاكهي مثل:

Guerlain – Aqua Allegoria: سلسلة مستوحاة من الطبيعة.

رائحة الغابات والأخشاب:

يمكن تحليل رائحة الأخشاب النادرة مثل الصندل أو العود الطبيعي من دون الإضرار بالمصدر.

عطور مميزة مثل:

Tom Ford – Oud Wood.

Le Labo – Santal 33.

٣. محاكاة روائح الأماكن

رائحة البحر:

تم تطوير عطور تعيد إحساس رائحة الشواطئ والرمال المالحة باستخدام تقنية Headspace.

مثال: Jo Malone – Wood Sage & Sea Salt.

رائحة المدن:

بعض العطور تحاكي أجواء مدينة معينة.

مثال: Hermès – Un Jardin Sur Le Nil: مستوحى من رائحة الحدائق المطلة على نهر النيل.

٤. التقاط الروائح غير التقليدية

رائحة الكتب القديمة:

تم إعادة خلق رائحة الورق القديم والغبار اللطيف الموجود في المكتبات.

مثال: Byredo – Bibliothèque.

رائحة الجلود:

يمكن التقاط رائحة الجلد الطبيعي كما في:

Acqua di Parma – Leather.

رائحة النار أو الدخان:

تُستخدم تقنية Headspace لالتقاط روائح المدخنة والخشب المحترق.

مثال: Maison Margiela – By the Fireplace.

٥. تطوير عطور مستوحاة من لحظات خاصة

رائحة المطر:

تم تحليل الجزيئات التي تصدر عند سقوط المطر على التربة وإعادة خلقها.

مثال: Demeter – Rain.

رائحة صباح الربيع:

باستخدام التقنية، يمكن تحليل الجزيئات التي تصدرها النباتات والزهور مع قطرات الندى.

مثال: Chanel – Chance Eau Tendre.

بفضل هذه التقنية ستجد في عطورنا روائح جديدة لم تستخدم من قبل.

تعزز هذه التقنية المبتكرة الجديدة إبداع صانعي العطور وتجعل من الممكن ابتكار عطور مدهشة وفريدة من نوعها، ويمكن بعد ذلك دمجها مع روائح أخرى يتم استخراجها بطرق مختلفة، بما في ذلك التقطير والعصر والاستخلاص والاستخلاص بثاني أكسيد الكربون.

Aromatic Glance

Golden serenade like desert dunes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى