دار عطور النيش الفرنسية مابرا Mabra تقدم لنا عطور غنية بالمكونات الطبيعية بنسبة ٩٩٪، مصنوعة يدويا بطريقة احترافية.
كان لنا لقاء مع السيد إبراهيم محمد مؤسس هذا البراند، وهو فرنسي من أصل جزائري، يصنع عطوره بأسلوب حرفي داخل ورشته الخاصة في فرنسا، هو مستقل بذاته، علم نفسه كيفية ابتكار أعمال فنية نابعة من قراءة الكتب والبحث المكثف على مدى عدة سنوات وترجمها في زجاجات عطرية تحمل اسم براند مابرا.
في مابرا ستجد الرغبة في مشاركة المعرفة والشغف بالروائح الجميلة.

تُعتبر المواد الطبيعية المفضلة لديه هي: العود البري من الهند أو بورما والعود العضوي من ترات في تايلاند، يحب النوتات الحيوانية مثل العنبر، المسك الغزالي والزباد.
من بين روائحه المفضلة أيضًا نوتات نجيل الهند، الحمضيات، الجلود والزهور، يحب أيضًا استخدام خشب مروكي كبخور واللبان الحوجري.
ندعوكم للاستمتاع بهذه المقابلة، ولقد اخترت السؤال الأهم والأكثر جرأة وإثارة ليكون بداية هذا اللقاء على غير العادة، حيث تبدأ المقابلات بالتعريف عن البراند ومؤسسه ومن ثم التدرج في الأسئلة، أتمنى أن تلقى هذه المقابلة الممتعة على استحسانكم وتعود عليكم بالفائدة جميعا.

مالذي ينقص صناعة العطور العربية لكي تنافس عالميا؟
يفتقر إلى العفوية والجرأة، يكفي التقليد، حان الوقت للابتكار والإبداع ومشاركة فن العطور الشرقية الممزوجة بالثقافة العربية.
إتقان الكلاسيكيات الفرنسية وفهم التآزر بين المكونات ومعرفة المواد الخام وأصولها أمر بالغ الأهمية للنمو، يجب على المرء أن يقرأ ويبحث عبر الإنترنت ويطرح الأسئلة ويبقى فضوليًا.
من المهم أيضًا تحديد المكونات الأكثر حبًا في العالم العربي وتعلم كيفية تحويلها لتقديم رؤية جديدة.
هذا ما أحاول فعله على نطاقي الخاص، جنبًا إلى جنب مع العديد من الآخرين، أؤكد لكم نحن كثيرون لدينا هذه الرؤية.
هل لك أن تخبرنا عن نفسك قليلا، وأين تعلمت صناعة العطور؟
اسمي إبراهيم محمد، أبلغ من العمر ٣١ عامًا، وأنا من أصل جزائري، عشت في فرنسا والمغرب، أقدّر الأخلاق الحميدة والروائح الزكية والأماكن الجميلة.
أنا متعلم ذاتيًا ولم أخضع لتدريب رسمي في عالم العطور، تعلمت من خلال القراءة المكثفة والتجربة الشخصية وطرح الأسئلة، هذه الرحلة سمحت لي بتطوير أسلوبي الخاص ورؤيتي الفريدة في صناعة العطور.
منذ متى بدأ حبك للعطور، ومتى أدركت أنك تريد أن تصبح صانع عطور، وبمن تأثرت؟
بدأ حبي للعطور عندما كنت أشم رائحة والدي وأعمامي أثناء تحيتي لهم، كانوا يهتمون بمظهرهم وقيمهم وعطورهم، كانوا يعشقون العطور الكلاسيكية، لا زلت أتذكر بوضوح عطورًا مثل Antaeus من شانيل، Eau de Rochas، Kouros من إيف سان لوران، Gentleman من جيفنشي وغيرها الكثير، ومن هنا بدأ حبي للعطور.
مع مرور الوقت بدأت أشتري العطور من مصروفي الشخصي الذي كنت أكسبه خلال العطل المدرسية.
بعد مرحلة العطور التجارية، اكتشفت زيوت العود ودهن العطور والبخور الطبيعي بفضل ابن عمي، كانت هذه هي الخطوة الثانية الكبرى.
أما الخطوة الثالثة فجاءت خلال فترة دراستي، حيث بدأت مشروعًا مع صديق طفولتي لبيع جميع أنواع العطور لتمويل جزء من تعليمي ولأصبح مستقلاً، لم يستمر هذا المشروع طويلاً، إذ سافرت لعدة أشهر، لكنها كانت تجربة غنية للغاية، أكدت لي هذه التجربة رغبتي في تقديم شيء مختلف.
عندما عدت من السفر كنت أطمح حقًا للإبداع والمبادرة ومشاركة رؤيتي للحياة والعمل وصناعة العطور مع Mabra، هذه المرة انطلقت في الرحلة بمفردي.

من هو العطار الذي يلمهك كثيرا في هذه الصناعة؟
ألهمني أنتوني مارمين في أيامي الأولى، كان يتمتع برؤية مبكرة مذهلة في عالم العطور العربية (رغم أنه ليس من أصول عربية)، كما أنني معجب بأصالة أعمال أنطوان لي، وبالإبداعات المفاجئة وعالية الجودة لمارك أنطوان كورتيكياتو.
وكيف أثرت فيك بلدك الجزائر في طريقة صناعتك للعطور؟
يعرّف ٩٩٪ من الجزائريين أنفسهم على أنهم عرب أمازيغ، في الواقع القليل من الجزائريين لديهم أصول عربية كبيرة، لكن الأغلبية يرتبطون بقوة بتراثهم الثقافي العربي أكثر من جذورهم الأمازيغية، يرجع ذلك جزئيًا إلى أن الهوية العربية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالإسلام الدين السائد في البلاد، ولأن الهوية الأمازيغية كانت تاريخيًا مجزأة.
مع النضوج غالبًا ما تنشأ رغبة في إعادة الاتصال بالجذور، تعلم تاريخ أجدادي سواء القريب أو البعيد سمح لي بالانفتاح ثقافيًا، وأشعل رغبة عميقة في مشاركة الثقافة العربية الأمازيغية من خلال فن صناعة العطور، أشارك حياتي ورؤيتي ورحلاتي وذوقي كعربي أمازيغي وأنا فخور بذلك.
لو كانت الجزائر عبارة عن زجاجة عطر، فماذا ستكون مكوناتها من وجهة نطرك؟
هذا مناسب لأنني أطلق عطرًا جديدًا في الأول من فبراير يُكرّم الجزائر: “OUED 48”.
كإشادة بجذوري، يُعد “OUED 48” قصيدة تُمجّد بلدة أجدادي _ وادي ارهيو وروح الشعب الجزائري.
يعكس اللوز بنعومته وطابعه الجورماند، حلويات “قلب اللوز” التي كانت تصنعها عماتي.
ويُجسّد زهر البرتقال والنيرولي أشجار البرتقال في حديقة والدي، بينما يُمثل الأساس الدافئ والمريح من الفانيليا كرم الجزائريين.
أما مسك الغزال، فيعكس عبق الحكماء الجزائريين الجالسين أمام المساجد في انتظار الصلاة القادمة.

ماهي السمة المميزة لعطورك التي تقوم بتصميمها؟
الروائح الطبيعية والفريدة، التراكيب البسيطة ذات المكونات القليلة، والجودة العالية.
من أين تستمد إبداعك، وهل لثقافتك العربية دور في ذلك؟
أستمد إبداعي من تجاربي الحياتية، أسفاري، الأشخاص من حولي ومن أقابلهم، تلعب ثقافتي العربية دورًا كبيرًا، لأنني بالنسبة لي معرفة الاتجاه الذي تسير فيه تبدأ بمعرفة المكان الذي أتيت منه، لا أريد إنشاء صورة لعلامة تجارية لا تعكس من أنا.
أنا رجل جزائري من أصول عربية أمازيغية ومسلم، أشارك وجهة نظري وفني من خلال هذه الخصائص، مع دعوة الجميع للاكتشاف واحترام اختلافات الآخرين وهوياتهم الفريدة.
هل تمثل العطور التي تصنعها شخصيتك أم هي جزء من أفكار تحاول تجسيدها في زحاجة عطر؟
يمثل الحمض النووي العطري شخصيتي، أسعى دائمًا إلى تطبيق ما أعظ به، وهذا هو الأمر الأكثر أهمية، كما أستمتع بوصف اللحظات والرحلات والأماكن والعصور من خلال عطوري.
كان العطر جزءًا من حياتي منذ الطفولة، واليوم تدور حياتي بأكملها حول العطور.
في الختام، العطور بالنسبة لي ليست مجرد روائح، بل هي تجسيد للذكريات، الهوية والثقافة، من خلال مزج الإلهام الذي أستمده من حياتي، تراثي وأسفاري، أسعى إلى تقديم تجربة عطرية فريدة تعبر عن روحي وتدعو الآخرين لاكتشاف الجمال الذي تحمله اختلافاتنا، آمل أن تصل عطوري إلى قلوب الناس بنفس الصدق والشغف الذي أضعه في ابتكارها، شكراً لكم على هذه الفرصة لمشاركة قصتي ورؤيتي.