
جودة العطر تُعرف بأنها مدى تحقيق العطر للتوازن المثالي بين المكونات، ثباته، انتشاره وتطوره بمرور الوقت، بالإضافة إلى استخدام مواد خام عالية الجودة وتقنيات تصنيع دقيقة.
عناصر تحدد جودة العطر:
١. المواد الخام: كلما كانت المكونات طبيعية أو اصطناعية نقية وعالية الجودة زادت جودة العطر.
٢. التوازن والتجانس: يجب أن تمتزج النوتات العطرية بسلاسة دون أن تطغى إحداها على الأخرى.
٣. التطور العطري (Fragrance Evolution): العطر الجيد يمر بمراحل واضحة من الافتتاحية إلى القلب ثم القاعدة دون أن ينهار أو يفقد توازنه بسرعة.
٤. التصنيع والتخزين: استخدام تقنيات إنتاج حديثة، والتخزين السليم للحفاظ على استقرار العطر وجودته بمرور الوقت.
من الناحية الكيميائية، النقاء العطري يُقاس بناءً على عدة عوامل رئيسية تتعلق بالتركيب الجزيئي للمكونات العطرية ومدى خلوها من الشوائب أو المركبات الثانوية غير المرغوبة، إليك بعض الجوانب التي تحدد النقاء العطري علميًا:
١. نقاء المركبات العطرية (Purity of Aromatic Compounds)
تُحدد نسبة نقاء المركب العطري بمدى تركيزه مقارنة بالشوائب، على سبيل المثال زيوت العود أو الورد النقية تحتوي على نسبة عالية من المركبات العطرية الرئيسية مثل جيرانيول في زيت الورد أو أجاروس في زيت العود.
تُقاس هذه النقاوة باستخدام الكروماتوغرافيا الغازية (GC-MS)، وهي تقنية تحلل المكونات وتحدد نسبة كل منها، مما يساعد في الكشف عن أي شوائب أو مكونات غير مرغوبة.
٢. التحليل الطيفي (Spectroscopy Analysis)
يتم استخدام تقنيات مثل الرنين المغناطيسي النووي (NMR) والأشعة تحت الحمراء (FTIR) لتحليل التركيب الكيميائي للمركبات العطرية والتأكد من تطابقها مع معايير النقاء.
٣. درجة التقطير والفصل (Distillation & Fractionation Purity)
أثناء استخلاص الزيوت العطرية يتم تحسين النقاء باستخدام طرق مثل التقطير بالبخار أو الاستخلاص بالمذيبات الفائقة (Supercritical CO₂ Extraction)، حيث يتم فصل المركبات غير العطرية أو الثقيلة التي قد تؤثر على جودة الرائحة.
٤. الثبات الكيميائي والاستقرار (Chemical Stability & Degradation)
المركبات العطرية النقية تكون أكثر استقرارًا ضد التأكسد والتحلل بفعل الحرارة أو الضوء، مثلاً بعض المكونات مثل السيترال واللينالول عرضة للأكسدة، مما قد يقلل من نقاء العطر بمرور الوقت.
يتم إضافة مضادات الأكسدة مثل BHT أو فيتامين E للحفاظ على النقاء الكيميائي للمكونات.
٥. خلو العطر من المركبات الصناعية الزائدة (Synthetic Impurities)
في العطور الطبيعية يعتبر وجود المركبات الاصطناعية بكميات زائدة مثل الفثالات أو المثبتات الكيميائية الثقيلة مؤشرًا على انخفاض النقاء.
تُستخدم الاختبارات الكيميائية للكشف عن وجود أي مركبات غير طبيعية قد تؤثر على نقاء الرائحة.
٦. التجانس العطري (Olfactory Consistency)
في العطور النقية تكون الروائح متجانسة ولا تحتوي على ملاحظات خارجية أو غير متوقعة، وهو ما يتم تقييمه من خلال الخبراء باستخدام تحليل التركيبة الشمية (Olfactometry Analysis).
النقاء العطري يؤثر بشكل مباشر على كيفية تطور العطر عبر مراحله المختلفة:
وضوح النوتات العطرية: كلما زادت نقاوة المكونات، كانت المراحل الشمية أكثر وضوحًا، حيث تتطور النوتات بشكل تدريجي دون أن تتداخل أو تتسبب في تشويش حسي.
التفاعل بين المكونات: في العطور ذات النقاء العالي، يتم التفاعل بين الجزيئات العطرية بطريقة أكثر انسجامًا، مما يسمح بانتقال سلس بين الافتتاحية، القلب والقاعدة.
تقليل التشوهات في الرائحة: في بعض العطور التجارية، تؤدي الشوائب الكيميائية إلى تغير غير متوقع أو غير مرغوب فيه في الرائحة مع مرور الوقت، أما في العطور النقية فإن الرائحة تحتفظ بجودتها طوال مراحل تطورها.
تحكم أفضل في التبخر: الجزيئات العطرية النقية تتبخر وفق ترتيب منطقي محسوب، حيث تتطاير الجزيئات الأخف أولاً، ثم الجزيئات الأثقل، مما يؤدي إلى تطور متناغم دون فقدان سريع للرائحة الأساسية.
العطور التي تعتمد على المكونات الاصطناعية منخفضة النقاء قد تعاني من عدم استقرار في التطور، حيث تتداخل الروائح بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى إحساس “معدني” أو “كيميائي” في بعض المراحل.
يقول صانع العطور عيسى بو عباس معلقا على هذا الموضوع: “الجودة إذا ما مزجتها عدل بالتصميم ما تعطيك نقاء.
تخيل عندك قطعة لحم جودة عالية جداً ونظيفة وحبيت تعمل قدرة خليلية، وما عملت توازن بالطبخة وطلعت اللحمة زفرة فيها ريحة خروف هل الجودة سيئة؟ طبعاً نعم لكن النقاء اخترب.
المواد اللي تعمل بالمختبر تحضر من مواد كيميائية، تقدر تحضر نفس المادة من عدة مواد أخرى، هذه المواد الأخرى باختلافاتها تحدد جودة المادة الناتجة.
مثال تبي تحضر هيديون، يتم تحضيرة من مادة A, B and C، إذا حضرتها من A جودة رديئة يطلع، حضرته من B متوسط، حضرته من C جودة عالية.
كذلك المواد الطبيعية في أنواع زهور مثلاً بسرعة تفسد إذا قطفتها، لازم يتم استخلاص الزيت بسرعة، كل ما تأخرت قلت الجودة، وهكذا بأمور أخرى مثلها مثل الفواكة اللي ناكلها الاهتمام بالمحصول وغيره”.
يمكن أن يكون العطر نقيًا من حيث التركيب الكيميائي لكنه غير متوازن أو غير ممتع شميًا، مما يجعله منخفض الجودة، في المقابل يمكن أن يكون العطر عالي الجودة لكنه يحتوي على بعض المركبات غير النقية التي قد تؤثر على شفافيته أو تطوره مع الوقت.
العطر المثالي هو الذي يجمع بين الجودة العالية والنقاء العطري، حيث يتم تحقيق توازن فني وشمي مع الالتزام بمعايير النقاء الكيميائي.