في عالم الأزياء الذي يمزج بين الإبداع والهوية، تبرز شخصيات ملهمة تنقل الثقافة من خلال تصاميمها.
ضيفتنا اليوم هي المصممة المبدعة جميلة السويط، التي استطاعت أن تجمع بين التراث العصري والطابع العالمي في تصاميمها، سنتحدث معها عن رحلتها في عالم الأزياء، مصدر إلهامها، رؤيتها للمستقبل وكيف تصف طبيعة العلاقة بين عالم العطور وصناعة الأزياء.

كريستيان ديور أحد أيقونات عالم الأزياء يتحدث عن العطور قائلا: “بعد فترة طويلة من نسيان ما ترتديه المرأة، تظل ذكرى عطرها باقية في الأذهان”.
على الجانب الأخر تقول كوكو شانيل أحد الرموز في عالم تصميم الأزياء: “لا يمكن أن تكون الأناقة ممكنة بدون العطر، فهو الإكسسوار غير المرئي الذي لا يُنس”.
وكما قال أسطورة عالم صناعة الأزياء الإيطالية جياني فيرساتشي: “العطر يضفي اللمسة النهائية على الأناقة _ تفصيل يبرز المظهر بشكل خفي، إضافة غير مرئية تكمل شخصية الرجل والمرأة، بدونها هناك شيء مفقود”.
وقال هوبر دي جيفنشي أسطورة صناعة الأزياء الفرنسية في عام ١٩٩٥ بعد عرض مجموعته الأخيرة لموسمي الخريف والشتاء: “توقفت عن تصميم الفساتين، لكني لم أتوقف عن الاكتشاف، الحياة أشبه بكتاب، لابد أن يعرف الإنسان من أين يقلب الصفحة”، واليوم اخترت أن أقلب تلك الصفحة التي تمثل امتدادا لذلك الفن العظيم ليكون عنوانها: رحلة المصممة جميلة السويط: إبداع يدمج التراث بالتصاميم العصرية.
لذلك دعونا معا نكتشف المزيد عن هذا العالم الساحر من خلال عيون جميلة السويط.
منذ متى بدأ شغفك بعالم تصميم الأزياء وقررتِ أن تصبحي مصممة؟
بدأ شغفي بعالم تصميم الأزياء منذ الصغر، عندما كنت أتابع تفاصيل الملابس وأستوحي منها أفكاراً جديدة، قررت أن أصبح مصممة عندما أدركت أنني أمتلك رؤية خاصة أستطيع أن أترجمها إلى تصاميم فريدة تعكس شخصيتي.
ما هي هوية الدار الخاصة التي تميزها؟ ومن هو الجمهور المستهدف الذي توجهين له رسالتك؟
هوية الدار تتميز بالأناقة الراقية التي تمزج بين الأصالة والحداثة، مع اهتمام كبير بالتفاصيل الدقيقة.
أوجه رسالتي للمرأة الواثقة بنفسها، التي تبحث عن التميز والجمال في كل مناسبة.
ما هو الأسلوب الذي يميزك كمصممة أزياء، ومن أين تستمدين إلهامك ومنبع إبداعك؟
أسلوبي يميل إلى المزج بين الكلاسيكية والعصرية، مع تركيز على البساطة والفخامة في آن واحد.
أستمد إلهامي من الطبيعة، الثقافة العربية، الفنون، وحتى من الروائح الجميلة التي تعكس قصصاً مختلفة.
من هو أكثر مصمم أزياء تأثرتِ به سواء في الماضي أو الحاضر، وما هي الدار الأكثر إلهاماً بالنسبة لك؟
أكثر مصمم تأثرت به هو إيلي صعب، لما يقدمه من تصاميم تمزج بين الفخامة والأنوثة بأسلوب مميز.
أما الدار الأكثر إلهاماً فهي شانيل، حيث أُعجبت بقدرتها على تقديم الأناقة الخالدة مع لمسات مبتكرة.
شانيل وفالنتينو تركتا بصمة واضحة في نظرتي للجمال والتفاصيل.
كيف أثرت ثقافتك العربية عموماً وبلدك الكويت خصوصاً في طريقة تصميمك للأزياء؟
الثقافة العربية والكويتية تحديداً أثرت كثيراً على تصاميمي من خلال إدخال العناصر التقليدية مثل التطريز اليدوي والخامات الفاخرة كالحرير والدانتيل، أحاول دائماً أن أعكس تراثنا بأسلوب معاصر.
كيف تصفين العلاقة بين عالم العطور وعالم تصميم الأزياء؟
العلاقة بين العطور وتصميم الأزياء وثيقة جداً، فكلاهما يعبر عن الهوية والشخصية، العطور تكمل الإطلالة، تماماً مثل التفاصيل التي تجعل التصميم متكاملاً.
كيف يبدأ تصميمك وكيف ينتهي؟ ما هي التفاصيل التي تهتمين بها وتعبرينها جزءاً من شخصيتك؟
يبدأ التصميم عادة بفكرة مستوحاة من لحظة أو إحساس معين، ثم أرسم المخطط وأختار الخامات بعناية.
أهتم بالتفاصيل الصغيرة مثل التطريز، الألوان والقصة، لأضمن أن كل قطعة تحمل لمسة من شخصيتي وتعبر عن إبداعي.
ما الذي ينقص صانع الأزياء العربي لكي يصل للعالمية؟
ما ينقص صانع الأزياء العربي هو تسويق أفضل لهويته الفريدة والاستثمار في جودة الخامات وتنفيذ التصاميم، بالإضافة إلى بناء شبكة علاقات قوية في السوق العالمية.
هل صناعة الأزياء موهبة بالفطرة أم هي علم ودراسة؟
هي مزيج بين الموهبة والدراسة، الموهبة تمنح المصمم رؤية فريدة، لكن العلم والدراسة يساعدانه على تحويل هذه الرؤية إلى تصميم متكامل يمكن أن ينافس عالمياً.
كيف أثر حبكِ للعطور على تصميم أزيائك؟
حب العطور علمني أهمية التفاصيل ومدى تأثيرها على الإطلالة.
من هم العطارين المفضلين لديكِ الذين تستمدين منهم إلهامك كمصممة أزياء؟
أحب أعمال العطارين مثل فرانسيس كاركدجيان.
بالطبع حبيب السويدي يُعتبر من الأسماء التي تركت بصمة استثنائية في عالم العطور، خصوصاً في تقديم العطور الشرقية بروح عصرية، يعجبني أسلوبه في استخدام المكونات التقليدية مثل العود والمسك والزعفران، ولكن بطريقة مبتكرة تُبرز فخامة الروائح الشرقية وتمنحها لمسة عالمية، تصاميمه في العطور تعكس الأصالة والتجدد في آنٍ واحد، وهو ما يتناغم مع فلسفتي كمصممة أزياء تسعى دائماً لدمج التراث مع الحداثة.
وما الذي أعجبكِ كمصممة أزياء في طريقة تصميمهم للعطور؟
ما يعجبني في طريقة تصميم العطور هو الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والتركيز على سرد قصة من خلال النغمات العطرية، كل عطر يُبنى على فكرة محددة سواء كانت مستوحاة من مكان، إحساس أو حتى ذكرى، ويُصمم بمراحل تبدأ من النوتات العليا التي تجذب الانتباه إلى النوتات الوسطى التي تحمل جوهر العطر وصولاً إلى القاعدة التي تترك الانطباع الأخير.
كذلك أجد الإبداع في مزج عناصر تبدو متناقضة، مثل الجمع بين النغمات الحلوة والدافئة، يُشبه إلى حد كبير عملية تصميم الأزياء، حيث يتم تنسيق الأقمشة والخطوط لإنشاء قطعة متناغمة ومتوازنة، كما أن العطور تعبر عن هوية وثقافة صانعها، وهي نفس الفلسفة التي أؤمن بها في تصميم أزيائي.
هل استلهمتِ فعلاً تصميماً من عطر معين؟ وما هو ذلك العطر؟ وهل تستخدمين روائح تضيفينها إلى الأقمشة لإجراء تغيير أو تعديل في التصميم؟
لا، لم أستلهِم تصميماً من عطر معين حتى الآن، ولكن بالتأكيد أطمح إلى ذلك في المستقبل، حيث أنني أؤمن بأن العطور تحمل قصصاً وإحساساً يمكن تحويله إلى تصاميم مميزة، أما استخدام الروائح على الأقمشة، فهو فكرة جذابة أتطلع لتجربتها مستقبلاً لإضافة بُعد جديد لتجربة العميل.
أين يكمن الجمال في تصميم أزيائك؟
يكمن الجمال في تصاميمي في التفاصيل الدقيقة التي تروي قصة كل قطعة، أحرص على اختيار الأقمشة بعناية، ومزج الألوان بخبرة لخلق توازن بين الجرأة والرقي، كما أني أركز على إبراز أنوثة المرأة بثقة من خلال قصات مدروسة تُبرز جمالها الطبيعي دون مبالغة.
الجمال بالنسبة لي هو التميز في البساطة، وإضافة لمسة خاصة تجعل كل تصميم فريداً يحمل بصمة تعكس شخصيتي وإحساس العميلة.
عندما تصنعين أزيائك، هل هي تمثل شخصيتك أم هي امتداد لها، أم أنكِ تركزين على الفكرة الإبداعية بغض النظر عن شخصيتك؟
تصاميمي هي مزيج بين تمثيل شخصيتي وامتداد لها، لكنها دائماً تستلهم فكرتها من مصادر مختلفة خارج ذاتي، أؤمن أن كل تصميم يحمل جزءاً من روحي وأسلوبي الخاص، سواء من خلال التفاصيل أو الألوان أو القَصات، ومع ذلك أركز أيضاً على الفكرة الإبداعية التي أستوحيها من لحظات أو مشاهد أو حتى مشاعر معينة.
الهدف ليس أن تعبر كل قطعة عني شخصياً فقط، بل أن تتحدث عن القصة التي أريد إيصالها وتلامس العميلة بطريقة تعكس ذوقها وهويتها أيضاً.
لو كانت دولتكي الكويت عبارة عن قطعة أزياء، ماذا ستختارين لها، وماذا ستكون ألوانها، وماهي الروائح التي ستكمل تلك التحفة الفنية؟
سأختار لها عباءة ملكية عصرية تعكس هويتها الأصيلة وثراء تراثها مع لمسة من الحداثة التي تمثل تطورها، ستكون الألوان مزيجاً من الذهبي الذي يرمز للفخامة والتاريخ العريق، والأزرق النيلي الذي يعكس البحر الذي كان شاهداً على مسيرتها التجارية وتراثها البحري، مع لمسات من الأبيض النقي للدلالة على السلام والنقاء.
أما الروائح التي ستكمل تلك التحفة الفنية، فستكون مزيجاً من العود الذي يعكس الفخامة العربية، مع نفحات من العنبر الذي يرمز للدفء، والورد الطائفي لإبراز الجانب الرقيق والجميل من روح الكويت، ستكون قطعة تمزج بين الأصالة والحداثة، تماماً كما هي الكويت.
لو كنتي مصممة عطور، كيف ستصممين تلك التوليفة العطرية التي تعبر عن أسلوبك من حيث اختيارك للمكونات العطرية؟
النوتات العليا: اليوسفي، الفلفل الوردي وزهر البرتقال.
النوتات الوسطى: الياسمين العربي، الورد الطائفي وخشب الصندل.
النوتات الأساسية: العنبر، العود والفانيلا المدخنة.
عطر يعكس الأنوثة، الرقي والتميز.
في تصاميمك هل تتبعين ماهو دارج حاليا في صناعة الأزياء وتواكبين الحداثة والتطور حتى لو لم ينل على إعجابك؟
لا ألتزم تماماً باتباع كل ما هو دارج إذا لم يتماشى مع رؤيتي أو ذوقي الخاص، أؤمن أن التصميم الناجح يجب أن يعبر عن هوية المصمم وروحه أكثر من مجرد اتباع اتجاهات موسمية قد تكون عابرة، مع ذلك أواكب التطورات وأستلهم منها، لكنني أحرص على إعادة تفسيرها بطريقة تعكس بصمتي الخاصة وتضيف لها طابعاً مميزاً.
هل تعتمد تصاميمك على أفضل ألوان لكل عام عل سبيل المثال mocha mousse لعام ٢٠٢٥ أم حسب ما ترينه مناسباً لك؟
بالنسبة للألوان، أطلع دائماً على أحدث الاتجاهات العالمية مثل ألوان العام وأستوحي منها، ولكنني لا أجعلها قاعدة ثابتة. أختار الألوان بناءً على ما يناسب الفكرة التي أعمل عليها وما يخدم التصميم بطريقة مثالية. أؤمن أن اللون ليس مجرد موضة، بل رسالة تعبر عن روح القطعة وتجعلها فريدة بغض النظر عن اتجاهات العام.
كيف سيواجه مصمم الأزياء التطور الرهيب في الذكاء الاصطناعي؟
مصمم الأزياء يمكنه مواجهة التطور في الذكاء الاصطناعي من خلال استغلال هذه التقنية كأداة تعزز إبداعه بدلاً من أن تحل محله.
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تحليل الاتجاهات العالمية بسرعة، تصميم أفكار أولية، أو حتى محاكاة الأقمشة على التصاميم، ومع ذلك سيظل العنصر البشري هو أساس الإبداع، لأن ما يميز المصمم هو بصمته الشخصية وشغفه الذي لا يمكن تكراره رقمياً.
لذلك التحدي الحقيقي ليس في مواجهة الذكاء الاصطناعي، بل في تكامله مع مهارات المصمم لإنتاج أعمال متميزة تجمع بين التكنولوجيا واللمسة الإنسانية.
كيف ترين مستقبل صناعة العطور عربيا وعالميا؟
عربياً: ستزدهر العطور العربية عالميًا بفضل مكوناتها الفاخرة كالعود والمسك، مع بروز علامات تجارية عربية تنافس دولياً، مدعومة بالتراث والتكنولوجيا.
عالمياً: سيركز المستقبل على الاستدامة، المكونات الطبيعية والعطور المخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي، مع تزايد دمج الثقافات العطرية الشرقية والغربية لابتكار توليفات مميزة.
وبالنسبة لتصميم الأزياء، ما هو المستقبل بالنسبة لها؟
سيكون المستقبل في تصميم الأزياء معتمدًا على الاستدامة باستخدام خامات صديقة للبيئة وتقنيات إعادة التدوير، إلى جانب الابتكار الرقمي مثل تصميم الأزياء الافتراضية والاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتخصيص التصاميم، كما ستشهد الصناعة تطورًا نحو الشخصنة لتلبية احتياجات الأفراد بأسلوب فريد، مع التركيز على الدمج بين الثقافات والتراث بأسلوب عصري.
سأعطيكي بعض التصاميم لكي وتختارين العطر المناسب لها الذي تفضلينه عند ارتداء أحدهم لتلك القطعة.
كانت هذه لحظات مليئة بالإلهام مع المصممة جميلة السويط، التي شاركتنا أفكارها وتجاربها في مجال تصميم الأزياء، نأمل أن تكون هذه المقابلة قد ألهمتكم وأعطتكم لمحة عن الجانب الإبداعي والجهد الذي يقف خلف كل قطعة تصميم، نشكر جميلة على وقتها الثمين، ونتمنى لها مزيدًا من النجاح والتألق في مسيرتها الفنية.